الاضطرابات النفسية / الذهنية ؛ معناها، مظاهرها وطرق علاجها.

الاضطرابات النفسية / الذهنية ؛ معناها، مظاهرها وطرق علاجها
الصحة الجيدة لا تعني الجسم المعافى فحسب، ولكنها تشمل الصحة العقلية والنفسية أيضا ، ولا يعني ذلك تفكيرنا بالنفس أوالجسد بشكل منفصل عن الآخر لأنهما مرتبطان ومتصلان؛ وجهان لعملة واحدة. (1)
✨ علم النفس المرضي:
وهو أحد أقسام علم النفس، يهتم بدراسة الأمراض النفسية والعقلية، تشخيصها وتصنيفها وتفسير أسبابها ورصد أعراضها…. وتأثيراتها السلبية على إيقاع الحياة النفسية ، الذهنية، السلوكية والاجتماعية…..للشخص.
وعليه، يمكن اعتبار “علم النفس المرضي” الدراسة المعمقة للمشاكل المتعلقة بالصحة النفسية الذهنية، يدور حول استكشاف المشكلات المتعلقة بها وكيفية فهمها، تصنيفها ، تشخيصها ومحاولة تقديم علاج فعال لها. وهنا يتقاطع ويتكامل مع تخصص”علم النفس الإكلينيكي” كممارسة علاجية تقدم القواعد والتقنيات التطبيقية للعلاج والدعم….
ولهذا السبب يمتد موضوع علم النفس ككل من البحث إلى العلاج، وما بينهما. فكلما تمكنا من فهم سبب تطور الاضطراب النفسي والعقلي، كلما كان من الأسهل العثور على علاجات فعالة. بل لم يعد الأمر يقتصر فقط على الحالات المرضية وعلاج الاضطرابات الذهنية والنفسية، وإنما يمتد ليشمل الناس الأسوياء بهدف مساعدتهم للحفاط على صحتهم النفسية وتخفيف ضغوطات الحياة اليومية و الصعوبات الاجتماعية والأسرية والمهنية….التي قد تواجههم.
✨ الصحة النفسية:
هي حالة من العافية التي تسمح للفرد بتحقيق قدراته والتعاطي مع ضغوط الحياة اليومية، والعمل بإنتاجية تمكنه من إفادة مجتمعه، وهي ليست مجرد انعدام المرض. (2)
أما الاضطرابات النفسية Neurosis أو العُصاب (بضم العين) خلل محدد في الشخصية، واضطراب في توافق الفرد مع البيئة التي يعيش فيها، وأهم ما يميزه ذلك الشعور الذاتي بالضيق أو التعاسة أو الألم أو الحزن أو الخوف، وغير ذلك من الانفعالات والمشاعر غير السارة. وهذا الاضطراب لا يشكل عائق أمام الإنسان يمنعه من أداء مهامه، ولكنه يجعله منزعجاً أو مزعجاً للآخرين – أحدهما أو كلاهما .ويعتبر جوهر الاضطرابات النفسية القلق، وأهم أنواعه الخوف المرضي والوسواس القهري، ويضم الاضطراب النفسي – في بعض التصنيفات – الهستيريا، والاكتئاب (3)
ولا يعد جزءًا من النمو الطبيعي للمهارات العقلية أو الثقافية، وبالتالي فهو خلل في التوازن مع الذات أو البيئة المحيطة، لأسباب وراثية أو خلل في البيئة المحيطة للفرد وفي تعامله مع المحيط الخاص به، وفي الدعم المتوفر له عند مواجهة مشكلات الحياة العادية (4)
✨نسبة انتشار الاضطرابات النفسية :
تنتشر الإصابة بالاضطرابات النفسية في كل مكان على وجه الأرض، فعلى مستوى العالم:
- يعاني أكثر من شخص من بين كل ثلاثة أشخاص في معظم الدول من أحد أنواع الاضطرابات النفسية على الأقل في مرحلة ما من حياتهم.
- معدلات الانتشار الفعلية للاضطرابات النفسية يقدر أنها تتراوح بين 65% و85%.
- معدلات انتشار الاكتئاب في النساء ضعف معدلاته في الرجال.
- عدد المضطربين نفسيا 30% الي 35% من سكان أي دولة.
- كبار السن أكثر عرضة للاضطرابات في جوانب معينة مقارنة بصغار السن.
✨ أنواع الاضطرابات النفسية :
يشمل الاضطراب النفسي مجموعة واسعة من المشكلات الصحية ، ولكن يعتقد أنها ترتبط باضطرابات سلوكية حادة مثل العنف والهياج، واتباع سلوك جنسي غير ملائم .وترتبط هذه الاضطرابات عادة باضطرابات نفسية حادة، غير أن الغالبية العظمى من المصابين تتصرف بشكل غير مختلف عن أي واحد منا وتبدو مماثلة لنا.
✨ هناك خمسة أنواع رئيسية من الاضطرابات النفسية وهي:
- جسدية/الأعراض الجسدية: وتؤثر على الجسم والوظائف الجسدية، وتشمل الألم والتعب واضطراب النوم.
- انفعالية/الأعراض العاطفية: الشعور بالحزن أو الخوف.
- فكرية /الأعراض الإدراكية: التفكير في الانتحار وصعوبة التفكير بوضوح، والنسيان.
- سلوكية/ العراض السلوكية: وتشمل التصرف بطريقة عدوانية ومحاولة الانتحار.
- التخيل/ الأعراض الإدراكية: وتشمل الهلوسات. (5)
✨ طرق التعامل مع الاضطراب النفسي:
هناك الكثير من خيارات العلاج للاضطرابات النفسية ولا يوجد نمطٌ واحدٌ من العلاج ينطبق على كل المرضى فقد يحتاج بعض المرضى الى مشاركة عدة أنواع من العلاج كي يتمكنون من التغلب عليه.
- العلاج النفسي: ويقوم به أخصائي الصحة النفسية، حيث يستهدف أسباب الاضطراب النفسي الأساسية ويناقش المريض بالأفكار والعواطف والسلوكيات ومنشأ كلٍ منها وتأثير الاضطراب عليها.
- العلاج النفسي المقترن بالأدوية: ويُعد أحد أفضل أنواع العلاج وأكثرها فعالية، ويتضمن العلاج المعرفي والسلوكي.
- العلاج الدوائي: يُعد العلاج الدوائي طريقة فعالة في إخفاء أعراض المرض ولكنه لا يستهدف جذور المشكلة وبالتالي غالبًا تعود المشكلة مع التوقف عن تناول الأدوية، لذا يُنصح بأن يترافق العلاج الدوائي مع العلاج السلوكي والنفسي.

- إدارة الحالة: يقوم فيه المرشدون النفسيون، حيث يكون عبارةً عن عدة استراتيجيات وخطط وورشات وأنشطة تساعد في تحسين الصحة النفسية لدى المريض.
- العلاج بالمستشفى: قد يتطلب بعض المرضى إدخالهم إلى المستشفى نتيجة تعريض أنفسهم أو المحيط للأذى، حيث من الممكن مراقبة حالة المريض وسلوكياته بشكلٍ مستمرٍ وانعكاسات الأدوية على حالته.
- غرف الدعم: حيث تكون عبارةً عن مجموعاتٍ يشترك المشاركين فيها بهدفٍ وحيدٍ هو التعافي من الاضطراب.
وهناك طرق أخرى مثل العلاج بالصدمات الكهربائية، والتأمل والاسترخاء، واستخدام الأعشاب الطبية، أو العلاج بالإبر الصينية، والعلاج بالفن والموسيقى. (6)

وختاما، لكل اضطراب ذهني وسيكولوجي علاجه المناسب له، مع ضرورة استحضار كل الأبعاد والعناصر الصحية/ الفيزيولوجية؛ العصبية والهرمونية. .. ، النفسية والذهنية وكذا الغذائية والاجتماعية…. الخ، أثناء رحلة التشافي.
من المهم جدا مراعاة كل ذلك للحفاظ على التوازن النفسي واكتساب مناعة فكرية ونفسية للتعامل مع ضغوطات الحياة وإكراهات الظروف.
فرحلة الحياة رحلة صعود وهبوط، لا تسير في اتجاه حتمي وأحادي… بل منفتحة على احتمالات كثيرة ممزوجة بمشاعر وأفكار مختلفة ومتغيرة….، يبقى هاجس الإنسان خلالها هو كيف يستوعب كل هذه التقلبات والتغيرات ويحتويها بشكل لا يهز جذريا باستقراره النفسي واترانه الداخلي وصورته الذاتية وعلاقته بمحيطه….. الخ.
لذا ليس من العيب طلب المساعدة واللجوء لمختص أثناء الشعور بخلل ما في حياتك لدعمك وتوجيه… نحو تخطي ما تمر به.
✨ المراجع:
- حامد زهران، (2005)، الصحة النفسية والعلاج النفسي، مصر، الشركة الدولية للطباعة
- منظمة الصحة العالمية، إعلان جاكرتا حول تعزيز الصحة، (2004)www.who.int
- فيكرام باتل، (2008)، الصحة النفسية للجميع حيث لا يوجد طبيب نفسي، الطبعة العربية المعدلة، لبنان، ورشة الموارد العربية
- رشاد موسى، (1993)، علم النفس المرضي: دراسات في علم النفس، مصر، دار علم المعرفة
- حسين فالح، (2013)، علم النفس المرضي والعلاج النفسي، الأردن، مركز ديبونو لتعليم التفكير
- إجلال محمد سري، (1993)، الأمراض النفسية الإجتماعية،مصر، عالم الكتب
3 تعليقات