الذكاء العاطفي وفن التواصل.

الذكاء العاطفي وفن التواصل .
١/ إن نجاح الإنسان وسعادته في الحياة يتوقفان على مهارات عديدة و مختلفة لا علاقة لها بشهاداته و تحصيله العلمي كما يقول “دانيال جولمان” . ومن أهم هذه المهارات والقدرات ما يرتبط بالذكاء العاطفي، ويقصد به :
“قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه و الآخرين” .
وفي هذا الباب، يقول “ستيفن هيين” بأن الذكاء العاطفي هو قدرة الإنسان على التعامل مع عواطفه، بحيث يحقق أكبر قدر ممكن من السعادة لنفسه ولمن حوله.

وبالنسبة “لياسر العيتي” بأن الذكاء العقلي يصل بك إلى سقف معين، أما الذكاء العاطفي فيفتح أمامك الآفاق، والعلاقة بين النجاح و الذكاء العاطفي علاقة أساسية ومهمة.
كما يقول الله سبحانه و تعالى”قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها“(سورة الشمس الآية 9و 10) .و أكد النبي محمد صلى الله عليه و سلم فقال: *إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم* رواه الطبراني في الكبير.
وقد بينت مجموعة من الأبحاث أن كل واحد منا توجد في دماغه منطقة تسمى اللوزة Amygdala؛ وهي لا تسجل فقط كل الأحداث التي نمر بها بل تسجل المشاعر التي صاحبت هذه الأحداث. وهنا يحضرنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم :{يا وابصة استغت قلبك واستغت نفسك تلاث مرات، البر ما اطمأنت إليه النفس و الإثم ما جاك في النفس و تردد في الصدر وإن افتاك الناس و أفتوك } رواه احمد في صحيحه. وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة” حديث حسن صحيح رواه الترميذي.
والملاحظ أن الحدس متصل بعمل هذه المنطقة من الدماغ المختصة بتسجيل المشاعر وحفظها و التي يطلق عليها “باللوزة” .ويؤكد القرآن الكريم على أهمية الاعتقاد و الصورة المتشكلة في العقل الباطن في عملية النصر؛ فقد قال تعالى :*الذين قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالو حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبو بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء و اتبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم* سورة آل عمران الآية 173 /174.
٢/ صحيح أن هناك بعض الأشخاص يتمتعون بذكاء عاطفي بطبعهم مقارنة بغيرهم، ومع ذلك بإمكاننا جميعا اكتساب هذه السمة الشخصية أو تحسينها، كما أن الإهتمام بأفكارنا و مشاعرنا و الحرص على الاصغاء للآخرين و البحث عن الأشياء التي نشعر بالامتنان لها في حياتنا يمكن أن يساعدنا في تطوير هذه السمة.
وتنبه العديد من الدراسات والأبحاث إلى أن الذكاء العاطفي مهم وأساسي للغاية في تسهيل عملية النجاح في مختلف جوانب الحياة خصوصا في علاقاتنا الاجتماعية والمهنية… وكذا تحسين قدرتنا على التواصل البناء والمفيد، حيث أثبتتهذه الدراسات أن الأشخاص الذين يملكون سمات شخصية محددة عادة ما يتمتعون بحياة اجتماعية أفضل و يعيشون بسعادة.

٣/ من السهل جدا أن نفقد السيطرة و التحكم في مشاعرنا، ولهذا يعتبر تطوير مهارة الذكاء العاطفي أمرا مهما جدا. وحسب صحيفة “بيزنس إنسايدر” الأمريكية، فإنه من الممكن أن تؤدي القدرة على التعرف على مشاعرنا (مشاعرناو مشاعر الآخرين) وفهم تأثيرها القوي، واستخدام هذه المعلومة لتوجيه أفكارك و سلوكك، إلى تعزيز فرص نجاحك في تحقيق أهدافك بشكل كبير.
لهذا تعتبر مهارات الذكاء العاطفي مثل أي مهاراة بحيث تصقلها الممارسة، وهنا يمكننا طرح سؤال:
✨ كيف يمكنك امتلاك ذكاء عاطفي عال دون معرفة ماهيته؟
و للإجابة على هذا السؤال يمكنك إلقاء نظرة على العلامات الآتية، و تحديد ما إذا كانت تمثل وتجسد سلوكك و عادتك:
1| أنت تفكر كثيرا بخصوص حسن تدبير المشاعر:ومن هنا يبدأ هذا الوعي بأهمية الذكاء العاطفي والقيام برد الفعل اتجاه ذلك. ثم قد تسأل بعض الأسئلة مثل: لماذا أشعر على هذا النحو؟ وما السبب في قولي أو فعلي لهذا الأمر؟ فبمجرد تحديد العواطف و ردود الأفعال ستصبح أكثر وعيا و تستغل هذه المعلومات لصالحك.
2| تسأل الآخرين عن وجهة نظرهم ورأيهم فيك: تعلم جيدا أن الآخرين ينظرون إليك بطريقة مختلفة عن تلك التي تنظر بها لذاتك. فالأمر هنا ليس متعلقا بالصواب و الخطأ بقدر ما هو متعلق بتفهم اختلاف وجهات النظر.
٤/بالرغم من أن الذكاء العالي من الخصائص الإيجابية التي تميز صاحبها ، لكن أصحابه عادة ما يصادفون صعوبات كثيرة إذا لم يتوج هذا الأمر بتطوير الذكاء العاطفي وإتقان فن التواصل مع الذات ومع الآخرين…. إذ يتعين على ذوي الذكاء المرتفع تطوير بعض مهارات الذكاء العاطفي وحسن التواصل مع الذات والتفاعل الايجابي مع الآخرين… وتعزيز الصفات المرتبطة بقرار الحسم و الإجتهاد و الرغبة في المغامرة. فضلا عن التسامح مع الآخرين وفن التواصل الفعال معهم، مما يساعد على بلوغ النجاح المنشود.
وفي تقرير نشره موقع : “آف.بي.ري” الروسي، استعرضت الكاتبة “إفدوكيموفا إيرينا” الصعوبات التي يواجهها الشخص الذكي عادة.
٥/ من هنا، يمكن القول أن الذكاء العاطفي هو القدرة على فهم و إدارة عواطفك، ويشمل الذكاء العاطفي مهارات مختلفة، نذكر منها: الوعي الذاتي، و حسن قيادة الذات ( لمعرفة تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع، يمكن الضغط على هذا الرابط 👈 فن القيادة وعلاقته بالنجاح) ، و التحفيز، و التعاطف، و المهارات الإجتماعية والتواصلية.
وقد أصبح هذا المفهوم رنانا إلى حد ما في أقسام الموارد البشرية في جميع أنحاء العالم. لكن يقول الباحثون أن الوقت قد حان لأخد الذكاء العاطفي على محمل الجد.
ووفقا “لريكس هوبكي” ، فإن تبني فروقات المشاعر الإنسانية الدقيقة في مكان العمل قد يكون ذو فوائد عملية، مثل: تحسين التعاون بين الموظفين وجعل مكان العمل أكثر بهجة. يعزو ذلك إلى حقيقة كوننا بشر في كل أيامنا، ليس فقد حين نغادر المكتب.
٦/ يبدأ الذكاء العاطفي بالوعي الذاتي و الإدارة الذاتية: هذا يعني التعرف على المشاعر و فهمها وتقبلها وحسن تدبيرها..، وفقا “لجنيفر” فإن ضبط النفس و القدرة على التكيف أمر أساسي، كما هو الحال مع التركيز على الإنجاز و الحفاظ على الظرة إلايجابية للحياة.
أما الخطوة التالية إدراك المشهد العاطفي خارج نفسك و يتضمن ذلك أيضا وجود وعي اجتماعي بالآخرين ، التعاطف والوعي بالبيئة التنظيمية المحيطة بك. وهذا يساعد كذلك على تحسين القدرة على إدارة العلاقات بشكل أكثر فعالية من خلال التأثير أو التوجيه….مما يمكن المرء من حل النزاعات و تشجيع العمل الجماعي التشاركي بينما يلهم الآخرين.

9 تعليقات