قراءة في كتاب

فن ” القراءة الذكية”.

" القراءة بذكـاء"

فن ” القراءة الذكية”.

القراءة حياة و استثمار… فن القراءة هو فن الحياة

في ظل هذا التدفق المهول في المعلومات والمعارف ، وكذا بحكم عملنا يصبح أكبر تحدي يواجهنا أثناء المساهمة في بناء ” مشروع إنسان” ناضج و مسؤول بفكر نقدي وحر… هو تعزيز شغفه بالقراءة.

تزيد حدة هذه الصعوبة مع نمط النظام التعليمي السائد والثغرات التي يحتويها، وما يترتب عنها من فشل في تعليم الطالب ” فن القراءة الذكية والجيدة” وتحبيبه في القراءة.
سبق وتحدثنا عن مفهوم القراءة،
المقصود به وفوائده وكذا علاقته بحب الذات و الآثار الإيجابية الناجمة عنه ذاتيا واجتماعيا…الخ (المقال في هذا الرابط؛ القراءة وحب الذات) .

وتوصلنا في النهاية إلى نتيجة مفادها أن القراءة حياة، وأننا نقرأ لنحيا حياة تليق بإنسانيتنا.

وبالتالي يعتبر فن القراءة هو فن إتقان الحياة ؛ إتقان عيشها بما يناسب جوهرنا وكينونتنا وما نحب لنسمو ونسعد.

القراءة الذكية

مردودية فعل القراءة و درجة الاستفادة منها تختلف حسب نوعية الكتب، جودة محتواها، القيمة المضافة التي تضيفها لنا في حياتنا وتطورنا، كيفية القراءة والأسلوب المعتمد… وهذه كلها عناصر تساهم بشكل كبير في تعزيز ملكة القراءة وحسن استثمار ما نتعلمه منها.

ومن هنا يمكن القول، ليست كل قراءة قراءة فعالة ومجدية تخدمنا بدرجة معينة.

هذا الوضع يدفعنا لطرح التساؤلات التالية:

✨ما هي الخطوات التي ينبغي أن انتبه إليها كقارئ، سواء كنت مبتدئا في القراءة أو عاشقا لها ومداوما عليها، لتحقيق أكبر نفع منها؟

✨ كيف يمكننا أن نقرأ بذكاء وبجودة عالية لتحسين جودة حياتنا وواقعنا؟

في هذا المقام، سنجيب عن هذه الأسئلة في شكل خطوات و استراتيجيات حددناها في ثلاثية “ فن القراءة بذكاء” ، تشمل العناصر التالية :
✅ لماذا أقرأ؟
✅ متى أقرأ؟
✅ كيف أقرأ؟

١. لماذا أقـرأ؟

سؤال من المهم التفكير فيه قبل الإقدام على القراءة واختيار الكتاب.

سؤال يساعدك في تحديد نيتك من القراءة ودافعك الخفي نحوها والهدف الذي تريد تحقيقه من ورائها. كما يسهل على المرء تقييم المكتسبات المعرفية…. التي اكتسبها خلال رحلته تلك. بمعنى هل تحقق ما كان يصبو إليه من وراء ذاك الكتاب أم لا؟
بالإضافة إلى تمكينه من معرفة نمط الكتب ونوعية المجالات التي تستهويه وتحقق له الفائدة والمتعة.. الخ.
فهل تقرأ؟

  • بدافع الشغف والاستمتاع...
  • بدافع اكتساب ثقافة عامة وإغناء رصيدك الثقافي والفكري
  • بدافع الموضة و كي يقال عنك قارئ و عارف أم تقرأ بدافع حبك لذاتك ورغبتك في تغيير طريقة تفكيرك وخلق حياة أفضل لك… الخ.

٢. مـتى تـقــرأ؟

من الجدير بالذكر أنه لا يوجد وقت محدد واحد ووحيد يناسب الجميع، إذ لكل شخص وقته المناسب له يكون فيه بتركيز ذهني عالي ونفسية هادئة ومرتاحة مستعدة للانفتاح على عوالم الكتاب.

لذا من المهم أن يعرف الإنسان الوقت الذي يناسبه ويستمتع فيه بالقراءة، طبعا مع حسن اختيار المكان والوضعية المناسبان و المريحان بغرض تحقيق أكبر فائدة…

٣. كيف تقرأ؟

كما لزمن القراءة خصوصية تناسب كل شخص على حدة، فإن كيفية القراءة تخضع لنفس المنطق ونفس المبدأ.

بمعنى، هناك أساليب كثيرة للقراءة تختلف باختلاف القدرات الذهنية والاستيعابية عند القارئ ، فلكل واحد إيقاعه خلال القراءة. مثلا هناك :

القراءة السريعة والعابرة : تساعد في أخذ فكرة أولية حول محتوى الكتاب و استطلاع هدفه وبنيته والموضوع الذي يعالجه…

القراءة الدراسية / الأكاديمية / المهنية: في مجال بعينه، مجال العمل أو الدراسة، التركيز عليه لإتقان معارف عملية وخبرات محددة تضيف لك في مجالك العملي.

القراءة التحليلية/ النقدية؛ بتمعن، فهم عميق لمنطوق الكتاب ،إدراك عمق حججه وتفسيراته، فحص مدى قوتها وقدرتها على الإقناع والتأثير في ذهن القارئ… الخ.

هذا النوع من القراءة التحليلية يمكن القارئ من بناء ملكة التحليل والنقد، التفسير وإعادة البناء مع اتخاذ مسافة نقدية مع ما يقرأ.

وهذا يساهم بشكل كبير في صقل شخصيته وإنماء قدراته العقلية ومهاراته الحياتية…

وفي هذا الباب نقترح خطوات عملية تحديدا للجدد في عالم القراءة، والحريصين على تطوير هذه الملكة لديهم، نذكر منها:

١. حدد هدفك ونيتك من القراءة ( لماذا تقرأ؟).

2. التدرج ثم التدرج سواء على مستوى زمن القراءة أو كيفيتها وعدد الكتب و الصفحات المقروءة ⬅️ تنمية عادة القراءة يحتاج التدرج والمرونة لجعلها أسلوب حياة وضمان الاستمرارية.

⬅️ من الأفضل التدرج في زمن وايقاع القراءة، مثلا البدء ب ١٠ دقائق في اليوم ثم ١٥ دقيقة وهكذا دواليك…. يبقى هذا الأمر مرتبط بالاستعداد الداخلي لدى القارئ وشغفه بالمواصلة.

⬅️ مراعاة المكان المناسب والهادئ لخلق المزيد من التركيز والابتعاد عن المشتتات.

✨ تذكر، أنت لست في سباق مع أحد للفوز بأكبر قدر من الكتب المقروءة. فالعبرة هنا ليست بعدد الكتب بل بالقيمة المضافة التي تضيفها لك في حياتك وتطورك وسعادتك…

لهذا، خذ وقتك الكافي واستمتع برحلتك مع أي كتاب تقرؤه وبروح كاتبه الموجودة في ثناياه.

٣. لا تقيد نفسك بكاتب واحد وبمجال معين.

٣. نوع مجالات ومواضيع القراءة وانفتح على مواضيع مختلفة تفيدك في الجانب الاجتماعي، كتب تنمي الجانب الروحي، أخرى تتضمن تطبيقات عملية تفيدك بالجانب العملي وتشعل حماسك… الخ.

٤. افتح قلبك للمعلومات ولا تسلم عقلك للكتاب ، ركز ، افهم ، اسأل ، حلل المعلومات و خذ منها ما يناسبك.

٥. حدد الكتب والمجالات التي تستهويك.

٦. أي كتاب يشعرك بالملل اتركه ولا تقم بإكماله، بل ابحث عن غيره.

٧.امكانية استخدام ورقة وقلم أثناء القراءة لتدوين الأفكار والمعلومات المهمة والاقتباسات المفيدة أو تحديدها وتلوينها…

٨. إمكانية تلخيص محتوى الكتاب وصياغته في خطاطات توضيحية تختصر ما تعلمته منه لإعادة استثماره في حياتك الواقعية…

٩. ارتح كلما شعرت بالتعب، ثم ارجع بعدها عندما تكون مستعدا لإكمال القراءة.

١٠. مناقشة الكتاب مع صديق لترسيخ أهم ما جاء فيه.

١١. الإستماع له صوتيا.

وفي الختام، يبقى أجمل وأعمق كتاب هو الذي يغيرك للأفضل و يفتح أمامك أبواب عوالمك الداخلية، ويغيرك من شخص هش فكريا ونفسيا إلى ذات واثقة وقوية وناضجة… ينتشلك من داخلك ويسافر بك لعوالم مختلفة ثم يعيدك للحياة بنسخة جديدة.

القراءة واكتشاف الذات
اظهر المزيد

مريم الشيخي

أستاذة الفلسفة ،باحثة في علم النفس و مهتمة بكل ما له صلة بالإنسان في مختلف أبعاده وجوانبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!