
من المدرسة التعليمية نحو مدرسة الحياة .
أحسن معلم في الحياة، الحياة نفسها…
💫💫 تعلمنا في مؤسساتنا التعليمية – قناة من قنوات الحياة – كيف نكتب أسماءنا ونقرأ الحروف ونفهم السطور. حدثونا عن قيس وليلى، وعن إنجازات جبران خليل جبران، الشافعي، ابن رشد، وعن فتوحات خالد ابن الوليد… عن الأخلاق وصفات الإنسان الصالح. لكن لم يكشفوا لنا سر التعامل مع ألم الحياة وإكراهات الواقع، ووجع الخوف والحزن… كيف ندير الزمن ونعرف معنى الحياة، ونفهم سر طاقتنا ومواهبنا وشغفنا، فندرك كيف نستثمر فينا وفي كل فرصة تأتينا… لذا تكلفت مدرسة الحياة بإتمام مهمة تعليمنا ذلك وأكثر : كيف نضمد جروحنا ونبحث عن أنفسنا في عمق ذواتنا وفي كل علاقة وتجربة نمر بها. أعادت تربيتنا من جديد بكل حياد وأحيانا بقسوة حتى نتقن فن العيش، وجعلت دروسها ناجعة لكل منتبه لها ومنصت لتعاليمها عبر مختلف التجارب والأزمات والتعثرات ولحظات الوقوع والنهوض.

يا صديقي، هل عشت لحظة/ لحظات ألم وحزن وضياع وأحيانا ظلم؟! أتفهم حالك وأقدر وجعك وصدمتك. كلنا مررنا بتلك الآلام وكلنا عشناها بشكل او بآخر، وبدرجات مختلفة ومتفاوتة. لحظات تتوه فيها وتسائل نفسك عن الجرم الذي اقترفته في الحياة كي تعيش ما عشته، وتذوق ما تذوقت من مرارة العيش وقسوة الظروف.
اعلم، مهما كانت شدة ما عشته و الوجع الذي مزق داخلك، ففي طياته رحمة إلهية لا تدرك إلا بعد حين. لا أقول لك هذا لأُهون عليك وجعك واطبطب عليك كمهدئ روحي ونفسي. لا أبدا ، أقولها لك لأنها الحقيقة التي نغفلها بسب انغماسنا المطلق في الألم وتحليلنا المستمر لما يحدث وحدث لنا… مشفقين على أنفسنا، ناظرين لها كضحية ظلم الحياة والواقع والناس، غير منتبهين للرسالة من وراء تلك المعاناة. نعم الرسالة، فكل الوجود حامل لرسائل… وجودك في حد ذاته رسالة، وأنت وُجِدت وخُلقت لتأديتها. وتعتبر المطبات والآلام والتجارب القاسية التي خُضتها جزء من رحلتك الوجودية، جاءت لتلهمك وتُنبهك لأشياء فيك لم تدركها بعد ولم تجد طريقة أخرى تجعلك تنتبه لها إلا عبر ما يبدو لك مؤلما وقاسيا. وطالما لم تفهم معناها في الغالب ستظل ملازمة لك وتأتيك في صور وتجارب مختلفة حتى تتعلم وتفهم.
في كل محنة عشتها منح كثيرة، ما عليك الا أن تغير دفة تركيزك ، من التركيز على الألم ولوم الظروف والتحسر على ما حدث لاعبا دور الضحية إلى التركيز على الخير فيها، والدرس الذي يمكن أن تُضيفه في حياتك ويزيد من نضجك وتطورك وسعادتك.
تلك المعاناة هي تحصيل حاصل وقعت وانتهى الأمر. بقاؤك فيها وتركيزك الدائم عليها لن يرجع بك للوراء لإيقافها، فتوقف عن أذية نفسك والبكاء على أطلالها. فكر في الخروج من دائرة هذه التجربة والشكوى نحو دائرة التفكير في الحل والتعلم من التجربة والاستفادة منها، وتحمل مسؤوليتك فيها مرورا بتقبلها والإيمان بأن لك من القدرات الهائلة على مواجهتها وتحملها ، والخروج منها أقوى مما كنت عليه.
الضربة التي لاتقتلنا تبعثنا أقوياء ألف مرة.
تذكر ،الحياة حياتك، وأنت أولى بحب ذاتك وتقديرها وخلق سعادتك بعيدا عن كل ما يؤذيك او يقلل من شأنك. فلذاتك وسعادتك وحياتك عليك حق، كن أهلا لها وراعيا ومهتما بها، منصة لحديثها ورحيما بها، مقوما لاعوجاجها بكل حب ولطف بعيدا عن القسوة والرغبة في الكمال والسعي نحو المثالية.
يا صديقي، ما خُلقت ملاكا معصوما من الخطأ، خُلقت إنسانا وجزء من انسانيتك الخطأ، الفشل، التعثر، النسيان و النجاح والفوز… فلو أراد الله أن يجعلك ملاكا لفعل، لكنه خلقك بشرا لحكمة الهية عظيمة تُعلي من شأنك ولا تنتقصه.
كن إنسانا واشكر كل معاناة عشتها واذية أصابتك وكل الدروس التي علمتك اياها، امتن لها فبفضلها انت الشخص الذي وصلت إليه اليوم. ويكفيك فخرا انك واجهتها وحاولت قدر المستطاع التحرر منها، وجعلها كدرج في سلم نجاحك وتطورك وقوتك. ولا تحاول دائما أن تبحث عن الدواء والعلاج في خارجك، ففيك الداء وفيك الدواء. وأول خطوة للتخلص من ألمك يبدأ من داخلك: ارجع الى ذاتك وانفض عنك غبار الألم ورمِّم نفسك وضمد جراحك بيدك. طور مهارات التفكير السليم لديك وغير النظارة الذهنية التي ترى بها الوجود وذاتك والمشاكل التي تصادفك.
فالعقل سلاحنا وأداة تحريرنا من وقع الصدمات وأوهام الأفكار والانفعالات…
انتبه، كلما فكرت بشكل جيد كلما عشت في الغالب بشكل جيد.
ومنذ اللحظة قرر أن تتعلم من مدرسة الحياة بحب ولطف ويسر.. فزمن الدروس المؤلمة ولى وانتهى.
افتح قلبك وحياتك لدروس الحياة اللطيفة عبر قنوات رحيمة وأخبرها أنك مستعد، وتستطيع التعامل مع كل ما تقدمه لك بقبول وحب ووعي.
كل يوم وأنت أقوى وأسعد وأكثر مسؤولية…
