الصحة النفسية
أخر الأخبار

التقدير الذاتي ؛ مستوياته وطرق تطويره

ما المقصود بالتقدير الذاتي؟

التقدير الذاتي ؛ العوامل المكونة له، مستوياته وطرق تطويره لصحة نفسية وجسدية أفضل

١/ يساهم في تشكيل الإنسان مجموعة من الأنظمة الإجتماعية، النفسية، و العصبية …. المرتبطة ببعضها البعض. وقد اهتم علماء النفس بالإجابة عن سؤال من أنت؟! ومن هنا جاء مصطلح الذات ، فبعض العلماء كانت رؤيتهم للذات على أنها مجرد مجموعة من التصورات، و البعض الآخر أولى هذا المفهوم اهتماما كبيرا.

التقدير الذاتي ؛ مستوياته وطرق تطويره

* مفهوم الذات:

و يمكن تعريف الذات بأنها نظام معقد تتضمن أربعة مستويات وهي الجزيئية، والعصبية، والنفسية و الإجتماعية. وبما أن الذات تعبر عن نفسها في سلوك الفرد، فهي تعتمد على العوامل الفطرية والمكتسبة ، بالإضافة إلى التأثر بتوقعات الآخرين. لذلك على الفرد أن يفهم نفسه ويعرف عنها أكثر آخدا بعين الاعتبار المستوى الاجتماعي، وليس فقط المستويات العصبية و النفسية، وهذا ما يجعل من الذات مفهوما معقدا.
تعددت التعريفات التي تناولت مفهوم الذات منها:
▪︎تعريف ” روجرز” : فقد عرف مفهوم الذات بأنه تنظيم عقلي و معرفي، ومجموعة قيم و مفاهيم ترتبط بالفرد وتعتبر سمة من شماته.
▪︎تعريف “هولتر”: يشير مفهوم الذات-في نظره- إلى الطرق التي يستخدمها الفرد للتعريف بها عن نفسه أمام الأفراد.
كما تم تعريف مفهوم الذات بأنه تكوين معرفي منظم للتقييمات و التطورات الخاصة بذات الفرد والتي تعتبر تعريفا نفسيا لذاته.

✅ من رؤية فلسفية :

تنظر الفلسفة القديمة الى الذات على أنها الإرادة و الإدراك للخير والشر. فالفلاسفة الشرقيون مثل بوذا، و كونفشيوس، يصفون الذات بأنها إرادة الفرد للعيش و البقاء في الحياة، كما أنهم يربطونها بقهر اللذة من غير ألم، بمعنى منع النفس عن الرغبات، و السيطرة على النفس وعدم تعويدها على شئ ما، مما يقود إلى الوحدة النفسية و الجسدية، ويتوافق الفلاسفة الهنود في تعريفهم للذات مع الفلاسفة الشرقيين، والتي يطلق عليها الفلسفة البراهمية.للذات:
الذات عند “سقراط”: اشتهر سقراط بعبارة “اعرف نفسك بنفسك”، وهي إشارة الى النفس،والتي هي عبارة – حسب سقراط- عن خليط من أربعة أشياء : الصفراوي، و الدموي، والبلغمي و النازي. ويعتبر سقراط الذات المحرك للكون و الوجود، وأنها شئ لا متناه، وأن الإنسان مزيج من قدرات وملكات شخصية، وبامتلاكه للعقل يمكنه التحليل وبناء المنطق، وقد عرف الذات على أنها الوعي و الإدراك الحسي الذي يأتي من البحث وراء مسببات الأشياء و الوجود.
الذات عند “أفلاطون” : تميزت نظرة “أفلاطون” للذات في ارتباطها بعالمي المثل والماديات بثلاثة أمور، وهي:
•عالم المثل، بمعنى أن هناك نمودجا تقوم عليه الحياة و الوجود.
•عالم الموجودات الذهني، وهو عقل الإنسان، وعن طريقه تتم معرفة الحياة و الإدراك.
•عالم المحسوسات، ويقصد به الإنطباعات عن العالم المثالي.
ويجدر بالذكر ان أفلاطون قد اعتمد في نظريته وتفسيره للذات على المثال ، وهو بذلك ينفي قدرة الإنسان على الابتكار و الإبداع، كما أنه يرى أن القدرة ليست من صفات أغلب البشر و إنما هي مقتصرة على الفضلاء من الناس فقط، وهذا ما يفسر ظهور مفهوم المدينة الفاضلة في فلسفة أفلاطون.

٢/ يعبر الوعي الذاتي أو الوعي بالذات/ self-awareness عن عادة الإنتباه إلى الطريقة التي نفكر ونشعر بها، ونتصرف بناءا عليها. و بتفصيل أكبر، نعني بذلك:

●البحث عن الانماط المختلفة في طرق التفكير التي نميل إليها، وكيفية ملاحظة المواقف التي نمر بها.بالإظافة إلى كيفية تفسير الأشياء لأنفسنا وفهم العالم من حولنا.

● فهم مشاعرنا الخاصة وأمزجتنا المتنوعة. بدلا من محاولة تجنبها أو إصلاحها، ونكتفي بمراقبة مشاعرنا و ملاحظتها، حتى وإن كانت صعبة أو غير مريحة.

● الإنتباه إلى الكيفية التي نتصرف بها في مواقف معينة، ماهي استجابتنا الطبيعية للأشياء؟ ماهي عاداتنا و سلوكياتنا؟ باختصار، فالوعي بالذات يعني الإنتباه و محاولة معرفة المزيد حول أنفسنا وذواتنا.

٣/ يتشكل التقدير الذاتي عن طريق أفكارك و علاقاتك و تجاربك، وكل فهم لنطاقات التقدير الذاتي سيكون له الكثير من الفوائد الصحية، بما في ذلك الصحة النفسية والقدرة على الحزم و المرونة….

التقدير الذاتي عبارة عن رأيك بشكل عام عن نفسك- كيف تشعر بشأن قدراتك و إمكانياتك. عندما تشعر بالتقدير الذاتي الصحي، فسوف تشعر بالرضا عن نفسك وترى أنك تستحق احترام الآخرين. وعندما تشعر بالتقدير الذاتي المتدني، فلن تعلق قيمة كبيرة على آرائك وأفكارك. قد ينتابك القلق الدائم إزاء أنك لست جيدا بما فيه الكفاية.

* لهذا لابد من معرفة ما اذا كان التقدير الذاتي لديك بحاجة إلى تعزيز ورفع وكذا الوعي بالسبب في كونه مهما لشعورك الصحي بقيمتك الذاتية. ومن هنا يمكننا أن نذكر العوامل التي تشكل وتؤثر عل التقدير الذاتي : يبدأ تكوين التقدير الذاتي في مرحلة الطفولة المبكرة و تشمل العوامل التي يمكن ان تؤثر في التقدير الذاتي مايلي:

▪︎أفكارك و تصوراتك الخاصة.

▪︎كيفية تعامل الآخرين معك.

▪︎التجارب في المنزل و المدراسة والعمل و المجتمع.

▪︎المرض او الإعاقة أو الإصابة.

▪︎الثقافة أو الدين.

▪︎المنصب والمكانة في المجتمع.العلاقات مع المقربين ليدك- الآباء و الأقران و المعلمين وجهات الاتصال الهامة الأخرى- تعتبر مهمة في تقديرك لذاتك.

تعكس العديد من المعتقدات التي لديك عن نفسك حاليا الرسائل التي تلقيتها من هؤلاء الأشخاص بمرور الوقت. إذا كانت علاقاتك قوية و تتلقى ردود فعل إيجابية بشكل عام، فمن المحتمل ان ترى نفسك جديرا بالاهتمام وتتمتع بالتقدير الذاتي الصحي. وإذا كنت تتلقى ردود فعل سلبية ويتم انتقادك أو التقليل من قيمتك في الغالب من الآخرين ، فمن المحتمل ان تكون أكثر عرضة للمعاناة من التقدير الذاتي المتدني. ومع ذلك، ربما يكون لأفكارك الخاصة أكبر على التقدير الذاتي لديك- وهذه الأفكار تخضع لسيطرتك. إذا كنت تميل إلى التركيز على نقاط ضعفك أو عيوبك ، فيمكنك تعلم كيفية ان يصبح لديك نظرة أكثر دقة و توازنا عن نفسك.

٤/ إن من نعم الله على العبد أن يهبه المقدرة على معرفة ذاته، والقدرة على وضعها في الموضع اللائق بها، إذ إن جهل الإنسان بنفسه و عدم معرفته بقدراته يجعله يقيم ذاته تقييما خاطئا ، فإما إن يعطيها أكثر مما يستحق فيثقل كاهلها، وإما أن يزدري ذاته ويقلل من قيمتها فيسقط نفسه. والشعور السئ عن النفس له تأثير كبير في تدمير الإيجابيات التي يملكها الشخص، فالمشاعر و الأحاسيس التي نملكها تجاه أنفسنا هي التي تكسبنا الشخصية القوية المتميزة أو تجعلنا سلبيين خاملين؛ إذ إن عطاءنا و إنتاجنا يتأثر سلبا و إيجابا بتقديرنا لذواتنا. بقدر ازدياد المشاعر الايجابية التي تملكها تجاه نفسك بقدر ما يزداد تقديرك لنفسك، وبقدر ازدياد المشاعر السلبية التي تملكها إتجاه نفسك بقدر ما يقل تقديرك لنفسك.

✅بعض مواصفات أصحاب التقدير الذاتي المرتفع :

* جدريون بالحياة

– الاستحقاق لديهم عال و لا يوجد لديهم تذمير ذاتي

– واثقون بأنفسهم، مسؤولون عن حياتهم، يتعاملون مع الإحباطات بشكل جيد

– يقبلون أنفسهم دون قيد او شرط

– يسعون دائما رواء التحسين المستمر لذاتهم

– اجتماعيون ، محبون للحياة و مرحون.

✅بعض مواصفات أصحاب التقدير الذاتي المنخفض:

*لا يحبون المغامرة، يخافون من المنافسة والتحديات

-استحقاقهم منخفض

– التدمير الذاتي لديهم عال، مترددون، ساخرون

– يفتقرون إلى قبول الذات، متشائمون، طموحاتهم متدنية.

٥/ يعتبر تدني و انخفاض احترام الذات من أكثر المشاكل النفسية تعقيدا من حيث الأسباب، يعود هذا التعقيد إلى تأثير تفاعلنا مع كل ما هو حولنا من تجارب وبيئات مختلفة وفي مراحل عمرية مختلفة على صورتنا الذاتية و نظرتنا الداخلية، إضافة إلى إختلاط الأسباب بالنتائج في كثير من الحالات و تفاعل الأسباب مع بعضها بشكل ديناميكي، ويمكن ذكر أبرز أسباب تدني احترام الذات على الشكل التالي:

1/العوامل الجينية: على الرغم من الجدل القائم حول تأثير العوامل الوراثية على الشخصية و تفاعلها مع البيئية الإجتماعية، إلى ان الأبحاث تشير إلى ان الاختلافات الوارثية التي تسبب اختلافات بمستويات هورمونات السعادة تلعب دورا مهما بتعزيز الثقة واحترام الذات أو العكس.

2/التجارب الشخصية: تؤثر التجارب الشخصية بشكل كبير على نظرتك لذاتك و مدى تقديرك لنفسك واحترامك لها، ومن ابرز التجارب التي تعتبر سببا لانخفاض تقدير الذات:

الصدمات: الصدمات المختلفة التي يمر بها الإنسان و طريقة تفاعله معها تساهم في رسم ملامح الصورة الذاتية، فالتعرض للصدمات النفسية المفاجئة أو المرور بتجربة سيئة ممتدة يعتبر سببا من أسباب تدني احترام الذات.

الطفولة التعيسة: إذا كانت مرحلة الطفولة من أهم مراحل المساهمة في تكوين الصورة الذاتية للشخص ، فإن الطفولة التعيسة تؤدي إلى انخفاض احترام الذات، ومظاهر الطفولة التعيسة تبدو واضحة في التعرض للقسوة و الإساءة الجسدية او العاطفية و الإذلال و الفقر أو الأسرة المفككة او الأب المدمن …..وغيرها.

٦/ ينشأ تقدير الذات من الأفكار، الآراء و المشاعر التي نكونها عن أنفسنا، ما يعني أنها غير ثابتة ويمكن ان تتأثر بالكثير من العوامل الداخلية و الخارجية. فدورك كإمرأة في المجتمع يتأثر بشكل كبير بنظرتك لنفسك و تقديرك لذاتك، وبمدى وعيك بأهميتك كفرد على نطاق الأسرة، العائلة والمجتمع.

نقدم لك ٧ طرق تعزز من تقديرك لذاتك وترفع من درجة استحقاقك :

1/التحكم بالناقد الداخلي الخاص بك: اعيدي صياغة الأفكار السلبية عن نفسك الى افكار ايجابية، خاطبي نفسك بلطف وقدري ذاتك الداخلية.

2/جاملي نفسك مجاملة واحدة على الأقل يوميا، شجعي نفسك وكوني فخورة بذاتك و بمجهودك.

٣/ ركزي على الامور الجيدة و توقفي عن رؤية مشاكلك فقط، ووجهي تفكيرك نحو الأشياء الجيدة و الجميلة التي حذثت لك.

٤/ حددي أهدافك: ضعي أهدافك و أحلامك، وارسمي خطة لا حرازها، وركزي على الانجازات التي حققتها.

٥/ لا تقارني نفسك بالآخرين: ابتعدي عن الأفكار التي تشعرك بانك اقل شأنا، ولا تقارني نفسك بأحد بل ركزي فقط على أهدافك وخططك للوصول إلى مبتغاك.

٦/ ذكري نفسك بالأعمال التي تتقنيها وبنقاط القوة لديك:لا شك ان كل منا بارع موهوب بشئ ما، لذلك ركزي على نقاطك القوية وتقبلي نفسك بكل ما فيها.

٧/ لا تخافي من التعبير عن نفسك وعن آرائك الخاصة ،وان لم يوافق شخص ما على ما تقولينه لا تأخذي ذلك بشكل شخصي ،فهذا لا يعني انك مخطئة وهو مصيب، بل فقط هو يرى الأمر من منظار مختلف.

اظهر المزيد

Rudayna

فضاء لحرية الفكر والقلم، في قالب إنساني هادف يسعى لنشر الوعي، تقدير الذات واحترام الآخر....

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!